القرآن الكريم والخط البياني "الرحمة المتصاعدة" للمفكر العربي الدكتور أسامة عكنان

القرآن الكريم والخط البياني "الرحمة المتصاعدة" للمفكر العربي الدكتور أسامة عكنان

21-09-2025

القرآن الكريم والخط البياني


جاء في الآية 12 من سورة الأنعام في وصف الله سبحانه وتعالى لنفسه: "كتبَ على نفسِه الرحمة".
تعالوا نحاول السباحة في فضاءات هذا المقطع القصير المكثف عميق الدلالة من آية سورة الأنعام، لنكتشف أننا أمام معادلة كونية شاملة من شأنها أن تضيء لنا طريق فهمنا لكل ما يحدث في هذا الوجود – ونخص بالذكر ما يحدث في كوكبنا الأرضي لارتباطه المباشر بحياتنا – على نحو نفكِّك به الكثير من غوامِض الأمور التي تحيِّرنا وقد تربكنا.
في البداية دعونا نقرّر ومن ثمَّ نثبِّت الحقائق التالية التي ستكون بمثابة المفاتيح التي سوف نَلِجُ من خلالها إلى أسرار هذا النص القرآني المتكوِّن من أربع كلمات فقط:
أولا: بما أن الله كتب على نفسِه الرحمة، فلا يمكن أن يحدث في حياتنا وعلى كوكبنا – بل وفي كل الكون – أيُّ حادث مهما كان، إلا ويجب أن يكون إما هو في ذاته "رحمة" بشكل مباشر ومرئي وواضح ومفهوم بالنسبة لنا، كأن نتمكن من إنقاذ أنفسِنا وحماية بلادنا من جيش معتدٍ كان يستهدف احتلال أرضنا وانتهاك حرماتنا واستعبادنا وسرقة ثرواتنا، فهذه رحمة واضحة ومباشرة لا تحتاج منا إلى عناء لإدراك جوهرها، وإما أن تكون "الرحمة" التي كتبها الله على نفسِه كامنة في مُحَصِّلَة إضافته – أي إضافة ذلك الشيء الحادث – إلى أمور أخرى قد تكون هي ما ينتج عنه بشكل غير مباشر لا يتبدى لنا واضحا، وقد تكون هي ما يحدث أو ما ينتج عما يحدث في سياقات أخرى من حياتنا وعلى سطح كوكبنا مما قد يصعب علينا ربطه بهذا الحدث، على الأقل في ضوء إمكاناتنا المتاحة في ظرف زماني ومكاني معين.
ثانيا: إن "الرحمة" وضدها "القسوة" هما مفهومان واضحان في عقولنا في مظاهرهما المباشرة، وليسا بحاجة لا إلى فذلكة ولا إلى سفسطة، ولا إلى تنطع في الفهم، فانقاذنا من اعتداء سافر ظالم كان يستهدف حياتنا بغير وجه حق، هو "رحمة" – أو هكذا يبدو لنا ونفهمه بصرف النظر عن سبب وقوع "الرحمة" علينا – وتَعَرُّضُنا للموت إثر تحطُّم طائرة كنا نستقلها قبل أن ينقذنا من الموت أحد، هو "قسوة"، أو هكذا يبدو لنا ونفهمه، وبصرف النظر هنا أيضا عن سبب وقوع هذه "القسوة" علينا. و"الرحمة" و"القسوة" لهما أنساق وسياقات، أو لنقل "مستويات" ترابط متباينة. فهناك رحمة وقسوة تتبديان على مستوى فردي، وهناك رحمة وقسوة تتبديان على مستوى جماعي، وهما على هذا المستوى الجماعي لهما مستويات جماعية فرعية عديدة أيضا.
ما معنى هذا الكلام؟!
بما أن موت شخص تعرض لاعتداء من قبل مجرم بغير وجه حق هو شكل واضح من أشكال "القسوة"، فإن مبدأ "كتب على نفسِه الرحمة" الوارد في سورة الأنعام لا يمكنه أن يتحقَّق إلا إذا كانت هناك رحمة في مكان ما أو في سياق ما، نتجت عن هذه القسوة – وهنا نؤكد أنها يجب أن تكون "رحمة" نتجت عن هذه "القسوة" تحديدا، لا أن تكون نتجت في سياق آخر لا علاقة له بهذه القسوة العينية المتمثلة في نتيجة جريمة القتل – وتكون مُحَصِّلَة إضافتها إلى هذه "القسوة" راجحة لصالح "الرحمة"، كأن يكون قتل هذا الشخص بهذا الظلم هو الذي جعل المجرم يفرُّ من موقع جريمته خوفا، ولا يستكمل جريمته، ما أسفر عن إنقاذ باقي أفراد الأسرة من القتل، وأنقذ مالها من التعرض للسرقة.. إلخ، وخلق حالة من التعاطف مع الأسرة ما سهل أمامها الكثير من الأمور المعيشية الهامة التي كانت مستعصية عليها قبل ذلك. وبالتالي فنحن أمام "قسوة" مقدارها مثلا "س"، نتجت عنها "رحمة" مقدارها ولنقل مثلا "س +ع"، حيث تمثلت "القسوة" في موت ذلك الرجل غدرا وظلما، وتمثلت "الرحمة الزائدة" على حجم "القسوة" في إنقاذ الأسرة ومالها من العدوان السافر وفي التعاطف والتسهيلات التي حصل عليها أفرادها في حياتهم. وهنا يجب التأكيد على أن مبدأ "كتب على نفسه الرحمة" لا يتحقق إذا لم تكن "الرحمة" الناتجة عن "القسوة" الحاصلة أكبر من تلك "القسوة" بالمعايير الإلهية ذاتها، حتى لو لم ندرك نحن هذا الأمر في التو واللحظة. ولو أن الرحمة كانت فقط بحجم القسوة لكانت المحصلة "صفرية"، أي بلا رحمة ولا قسوة، وهو ما لا يحقق معنى الآية الكريمة التي تؤكد على أن الله كتب على نفسه الرحمة، أي أننا حيثما ذهبنا وحيثما جُلنا بعقولنا وأبصارنا في نهاية المطاف فيجب ألا نرى إلا الرحمة، وليس حتى تساوي الرحمة مع القسوة في معادلات صِفرِيَّة.
وربما يكون رجحان كفة "الرحمة" الناتجة عن هذه "القسوة" كامنا لا فيما ذكرناه بخصوص أسرة القتيل فقط، وإنما في أن موته بهذه الطريقة قد منعه من قيادة سيارته بسرعة جنونية ليمر في النقطة "ن" من الشارع في ذات اللحظة التي سيعبر ذات النقطة رَبُّ أسرة أخرى ينفقُ على أسرته بالمياومة لأنه مجرد عامل بناء، فيقتله دهسا بينما كان المسكين ذاهبا إلى الشركة "ب" ليحصل على عمل ثابت يدر عليه دخلا ثابتا وُعِدَ به في مجال الحراسة، فيما يدخل هو إلى السجن، أي الذي دهسَه، ما ينعكس على أسرته هو أيضا بالمتاعب خلافا للتعاطف في الحالة السابقة. أي أن بقاءه حيا ربما كان سيدمِّر أسرة أخرى ويخلق المتاعب لأسرته ولنفسه، بينما كان موته بهذه الطريقة رغم "القسوة" الكامنة فيه، "رحمة" لأسرته، و"رحمة" لأسرة أخرى، أي أن محصلة إضافة "قسوة" الموت غدرا وقتلا وظلما، إلى "الرحمة" التي ستعود على أسرته، وإلى "الرحمة" التي ستعود على الأسرة الأخرى، هي "رحمة" أكبر من "القسوة" الكامنة في موته بتلك الطريقة، وليست لا "قسوة" ولا حتى معادلة صفرية تساوي بين "القسوة" و"الرحمة".
قد يبدو هذا المثال الذي يُعَبِّر عن مستوى من مستويات الترابط "الفردي" بين "الرحمة" و"القسوة" مثالا تجريديا تبسيطيا مبالغا في تبسيطيته وتجريديته، وهو بالفعل كذلك، لأن تعقيدات الواقع وترابطات علاقاته وأحداثه هي أكثر تشابكا مما نفهمه من هذا المثال بالغ البساطة، ومع ذلك فإنه مثال يُعَبِّرُ بأمانة عن جوهر الفكرة التي نسعى إلى توضيحها وتثبيتها، مع أخذ عنصر التعقيد في أعلى مستوياته في الاعتبار بكل تأكيد.
إذا اتضح لنا المعنى العميق للفكرة التي فهمناها من خلال سباحتنا في فضاءات أسرار المقطع "كتب على نفسه الرحمة" من الآية 12 من سورة الأنعام، فإن استعدادنا الذهني لتقبل الامتدادات العنكبوتية لتشُّعب العلاقات والترابطات في الأحداث والوقائع التي تشهدها حياتنا على سطح هذا الكوكب، يغدو استعدادا له ما يبرره معرفيا بدون أي متاعب ترهق عقولنا وأذهاننا.
فإذا كان زلزالٌ ماَّ حدَثَ في دولة ماَّ قد أودى بحياة عشرين ألف شخص، ودمَّر آلاف المنازل ومئات مباني المرافق الخاصة والعامة، وكبَّد الاقتصاد المحلي المليارات من الدولارات من الخسائر، يُعتبر "قسوة" شديدة بكل تأكيد، ولا تظهر فيه في ذاته أيُّ معان للرحمة بمفهومها المباشر، فلا أحد يمكنه مهما كان متطرفا في لاهوتيته العمياء، واستسلامه الكامل للقضاء والقدر دون أدنى تفكير، يمكنه أن يقرأ في موت عشرين ألف شخص رحمة لهم، وفي تشرُّد نصف مليون شخص تهدَّمت مبانيهم رأفة بهم، وفي خسارة اقتصاد الدولة عشرين مليار دولار كرما إلهيا لشعبها، مثل تلك التي يقرأها في شفاء مريض سرطان كان يشرف على الموت من مرضه بمعجزة طبية، وعودته إلى عافيته من جديد، أو كتلك التي يقرأها في حصول فقير مدقع الفقر كان يشرف على الموت جوعا، على ما يطعم به نفسه شهرا كاملا، ليعود إلى عافيته، ثم حصوله على عمل يعيل به نفسه..
نقول: إذا حصل ذلك وإذا كان فهمه واضحا في دلالة "القسوة" غير القابلة للمناقشة في حيثياتها، فلابد من أن تكون هناك في مكان ما، وفي سياق ما، وفي وقت ما، ولأسباب ما، حوادث ما، مرتبطة بأشكال من الارتباط الحتمي بهذا الزلزال ونتائجه المفجعة القاسية، تكون مخرجاتها "رحمة" بكل تأكيد، حتى لو كانت هذه الرحمة حاصلة في سياقها الإنساني التاريخي والجغرافي العام، وليس في سياق خاص يتعلق فقط بمن تعرضوا لهذه الكارثة، كما أنه لابد لهذه الرحمة من أن تكون بالمعايير الإلهية أكبر بكثير من القسوة الكامنة في الزلزال رغم كل خسائره، وذلك كي تتحقق معادلة: "كتب على نفسه الرحمة"، ولو لم يحصل ذلك، لكانت هذه الآية الكريمة بلا معنى، ولكانت مجرد ادعاء لا قيمة موضوعية له.
قد لا نكون مدركين في مثال مهول كهذا الذي ضربناه، للكيفية التي يمكن أن تتجسَّد من خلالها أحداث هنا أو هناك، في هذا الوقت أو في ذاك، بهذا الشكل أو بذاك، وتكون فيها رحمة أكبر من القسوة الناتجة عن الزلزال، وتكون في الوقت ذاته مرتبطة بهذا الزلزال، لجهة ضرورة حدوثه هو كي تتحقَّق هي، ولجهة حتمية حصوله هو كي تتجسَّد هي.
ولكن عدم إدراكنا لهذه العلاقات، ولهذه الأحداث المترابطة، لا ينفي وجودها، فالكون كله قائم وفق علم "الدياليكتيك" على أربعة قوانين، أحدها هو "قانون الترابط العام" الذي ينص على ألا شيء يحدث في الواقع الموضوعي بمعزل كامل وشامل عن أي شيء آخر، إذ لابد من أن تكون هناك أشياء ما محدَّدة تحدث بالتبعية لحدوثه بصرف النظر عن المكان وعن الزمان وعن الكيفية، وتمثل شكل ارتباطاته المتاحة والقائمة في الواقع الموضوعي. وليس علينا إلا أن نبحث وننقب كي نفهم وندرك ونكتشف تلك العلاقات والارتباطات إن تمكنا من العثور عليها بما يُتاح لدينا من علوم ومعارف في هذا الوقت أو في ذاك، وإن عدم عثورنا على تلك العلاقات، وعدم معرفتنا بها، لا ينفي وجودها بأي حال.
إن مقطع الآية 12 من سورة الأنعام الذي يعتبر مقالنا هذا من وحي السباحة في فضاءاته، وهو مقطع "كتَب على نفسه الرحمة"، يكشف لنا لا عن "قانون الترابط العام" في ذاته وفقط، بل هو يكشف لنا أيضا عن أهم ما في هذا القانون في سياقه التاريخي من دلالات تؤدي إلى القانون الآخر المهم من قوانين الدياليكتيك وهو "قانون التطور". إذ أن الله إذا كان قد كتب على نفسه الرحمة – والرحمة الإلهية هي تعبير آخر عن خط الإيجابيات المتصاعد والمتنامي دوما في حياة الإنسان وتاريخه، ما دامت هذه الرحمة لازمةً وضرورية وحتمية وبشكل دائم لتتفوق على كل قسوة وشر نراهما كل يوم في حياتنا، تجسيدا لمبدأ "كتب على نفسِه الرحمة" – فلا شك في أن كل ما يحدث في هذه الحياة هي خط بياني متصاعد من "الرحمات" أي من "الإيجابيات"، أي أن رحمة الله هي التعبير الحقيقي عن التطور الدائم في حياتنا نحو الأفضل، حتى في قلب "القسوة" و"الشر" اللذين نراهما، ونعجز غالبا عن قراءة "الرحمة" و"الخير" الكامنين في مؤدياتهما ومحصلاتهما النهائية، بسبب عجزنا أو قلة معارفنا أو سوء فهمنا، أو بسبب عدم وعينا برحابة الفضاء العظيم الذي تكشف لنا أسراره سورة "الأنعام" في هذ المقطع القصير والمكثف من الآية 12 منها: "كَتَب على نفسِه الرحمة".
نتساءل في هذا السياق:
ألم يكن الاقتتال الدائم بين الفرس والروم على الأرض العربية في الشام والعراق، أو على غير الأرض العربية في آسيا الوسطى وأرض الإغريق أو حتى في أرض فارس، وعلى مدى عشرات السنين، قسوة وشرا، أزهق مئات الآلاف من الأرواح، إن لم يكن أكثر من ذلك، إلى درجة أن أصيبت الدولتان العظميان "فارس" و"بيزنطة" بالانهاك التاريخي؟!
ولكن ألم تكن هذه "القسوة" وألم يكن هذا ""الشر" التاريخيين، هما اللذان مَهَّدا الطريق أمام "الرحمة" و"الخير" القادمين من شبه جزيرة العرب، ليحرَّر الأرض من الظلم، ولينشر الرسالة بأقل الخسائر الممكنة والمتصورة؟!
ألم تكن الهزيمة في "أُحُد" قاسية ذهب ضحيتها سبعون صحابيا من حفظة القرآن؟!
ولكن ألم تكن "قسوة" أحد هي التي مهدت لرحمة ما بعدها عندما فرضت على المسلمين تغييرات جوهرية في أنماط تفكيرهم العسكري والسياسي الاستراتيجيين؟!
هل هناك قسوة أشد من قسوة موت 65 مليون إنسان في الحرب العالمية الثانية، ومن تدمير قارة بأكملها؟!
ولكن أليست الرحمة التي نتجت عن ذلك متمثلة في التحرر من الاستعمار، وفي في ظهور ثنائية قطبية وازنت العالم، ممهدة الطريق بأقل الخسائر لتغيير ثقافي شامل وعميق في العالم؟!
أليس تفرُّد الولايات المتحدة برأسماليتها المتغطرسة المتغولة من أشد مظاهر القسوة ضد الإنسانية منذ تفكك الاتحاد السوفييتي وحتى يومنا هذا؟!
ولكن هل يجوز أن نعتقد – حتى لو لم ندرك أين هي الرحمة المتفوقة على هذه القسوة، وأين هو الخير المتفوق على هذا الشر – أن هذه الرحمة وأن هذا الخير غير متحققين، أو أنهما لن يتحققا يوما ما؟!
أليس في اعتقادٍ سلبي مثل هذا إسقاط لقول الله تعالى: "كتب على نفسه الرحمة"؟!
فلننطلق دائما من المعادلة الكونية الإلهية التي تفرضها هذه الآية، إن لم يكن لرؤية الرحمة الأوسع من القسوة ماثلة أمام أعيننا، فلكي نبحث عنها إن كانت غائبة عن مداركنا، وإن لم يكن لنبحث عنها إذا كانت غير موجودة بعد، فلكي نوجدَها ونكون نحن أدواتها كي تتجسَّد انطلاقا من اليقين بحتميتها، وهو اليقين القائم على يقين أهم وأسبق بأن الله كتب على نفسه الرحمة.
ليس لهذا النص القرآني العظيم من دلالة سوى أن الخط البياني للرحمة الإلهية هو خط تصاعدي دائما، وكلما كانت "القسوة" هي سيدة الموقف ومتفشية، كلما كان ذلك مؤشرا حقيقيا على أن هناك نتائج حتمية لهذه القسوة تحدث أو ستحدث بالضرورة، هنا أو هناك، اليوم أو غدا، بهذا الشكل أو بذاك، وهذه النتائج هي رحمة تتفوق على تلك القسوة، وستظهر يوما ما، من خلال بشر ما، ليزداد خط الرحمة البياني صعودا وارتفاعا.
ملاحظة أخيرا:
ليست "القسوة" المعينة، فعلا إلهيا مباشرا جسَّد إرادة الله في أن تحدثَ القسوة، فمن كتب على نفسِه الرحمة لا يمكنه بإرادته المباشرة أن يحدثَ القسوة بأي حال، وإنما القسوة تحدث بفعل الطبيعة أو بفعل الإنسان، لأن في الطبيعة وفي الإنسان من المادة الخام التي تندرج تحت "المشيئة الإلهية" ما يمكنه أن يخلقَ القسوة التي خلق الله علاقة إيجابية بينها عندما تحدث وبين رحمةٍ ما يجب أن تحدث بعدها، وعندما تحدث هذه القسوة فإن الفعل الإلهي الذي تجسده الإرادة الإلهية المباشرة ستتجه فورا إلى البدء بتحريك كامل الأدوات التي ستتولى تعديل الكفة نحو الرحمة، إلى أن ترجَحَ كفة هذه الرحمة، وذلك بحسب ما تقتضيه نتائج القسوة الحاصلة. فكلما رأيتَ قسوة أحدثها الإنسان بإرادته الشريرة، أو أحدثتها الطبيعة بغضبتها العجماء، فاعلم أن الله يكون قد بدأ يعد العالم أو جزءا من العالم، ويحرك أدوات الخير والرحمة، لتتجه نحو رحمة وخير سيكونان من نتاج تلك القسوة أو ذلك الشر، ويضافا إلى الخط البياني المتصاعد أبدا للرحمة الإلهية.

بقلم: أسامة عكنان