النظرية العالمية الإسلامية لكشف أسرار الكون[1]

النظرية العالمية الإسلامية لكشف أسرار الكون[1]

19-09-2025

النظرية العالمية الإسلامية لكشف أسرار الكون[1]

النظرية العالمية الإسلامية لكشف أسرار الكون[1]
بقلم
د. رشيد الجراح

الفصل الأول
إلى القارئ
بادئ ذي بدء، لا بد من الإشارة للقارئ الكريم إلى أنّ هذا الكتاب يثير تساؤلات غاية في الخطورة كثيراً ما ترددت في ذهنه، وظنّ أحياناً أنّ من الحرج أو الخطأ إثارتها، واعتقد جازماً أنّ من الصعب أو حتى من المستحيل إيجاد التفسيرات المرضية لها، فآثر ألاّ تشغل تفكيره أكثر مما يجب، فرضي أنْ يصرف ذهنه إلى ما هو دونها، فمثله في ذلك كالذي أضاع متاعاً له في مكان مظلم، فأخذ يبحث عنه في مكان آخر بحجة توافر الإضاءة في هذا المكان، فهل يا ترى سيجد ضالته في يوم ما؟! إنّنا ننوي أنْ نقحم أنفسنا البحث عن ضالتنا في المكان الذي أضعناها فيه حتى وإنْ كان (حسب ظن الكثيرين) شديد الظلمة.

ولعلي أجد من الضروري أنْ أشير أيضاً إلى أنّ إثارة هذه التساؤلات تعني رفع سقف التفكير وسقف التوقعات، فلقد دَرَسنا المنهجية الغربيّة ودرّسناها في مدارسنا وجامعاتنا، وانبهرنا في البداية بما حققته من نجاحات، ولكنّا كلما ازددنا التفكر وإمعان النظر فيها، كلما رسخت لدينا القناعة أنّ منهجيتهم تلك لن توصلنا إلى ضالتنا المنشودة، فهي كما سنعرض لاحقاً تحددنا بسقف أعلى للتفكير لا يمكن تجاوزه – وهو ما لا يرضي العقول الباحثة عن الحقيقة المطلقة.

ولمّا كان هذا الكتاب يثير أسئلة كبيرة جداً، كان لزاماً تقبّل الرأي وإنْ كان مخالفاً لما نشأنا عليه، فنحن جميعاّ ندرك صعوبة تصحيح فكرة خاطئة إنْ كانت هي سائدة، فكم هو صعب حتى إلقاء ظلال الشك على ما أصبح من المسلمات! فليس سراً أنْ أبوح أنّه وخلال خبرتي التدريسية كانت ردة الفعل الأولى لإثارة هذه التساؤلات في قاعة الدرس (حتى مع طلبة الدراسات العليا) هي المقاومة والتشكيك حتى لغرض طرحها، فالتفكير جُبِل على مسلمات قديمة صمّت الآذان عن سماع غيرها، وأغشت الأبصار عن النظر من غير زاويتها، فأقفلت القلوب عن فهمها. ولكنّنا أيضاً وجدنا أنّه بمجرد وضعها على طاولة البحث أخذ المدافعون عن تلك المسلمات يدركون ضعف حجتهم وقلة حيلتهم في الدفاع عنها، وكلما ازداد البحث تعمقا، كلما وجدنا التحول في مواقفهم حتى أصبحوا هم المنتقدين لتلك المسلّمات، الباحثين عن الحقيقة، المدافعين عن المنهجية الجديدة التي نضع الخطوط العريضة لها في هذا الكتاب.

ولمّا كانت التساؤلات التي تثار في هذا الكتاب تمس عقيدة كل شخص، ولمّا كانت النتائج المترتبة على ذلك جمّة، كان لا بد من التبسيط في الطرح والإسهاب أحيانا في الشرح، لتعم الفائدة، فتجنبنا (إلاّ في نادر الأحوال) استخدام المصطلحات العلمية، وآثرنا استخدام المفاهيم الدارجة حتى على لسان العامة، وإنّنا على يقين أنّ القارئ سيجد في أكثر من مكان متعة القراءة إنْ هو منح نفسه فرصة النظر إلى الأمور من زاوية أخرى.