هل الله سبحانه وتعالى موجود؟!!

هل الله سبحانه وتعالى موجود؟!!

21-09-2025

هل الله سبحانه وتعالى موجود؟!!


هذا الطرح يعالج زاوية مبدئية من الموضوع ولا يتعرض لرأيي فيه ضمن فلسفة التشخيص والتجريد..

دائما ما ارتبط الحديث عن وجود الله بمسألة الايمان والالحاد فالاعتقاد السائد انه وبمجرد الايمان بوجود الله يخرج الشخص من دائرة الالحاد ويدخل في دائرة الايمان الاولى والتي يترتب عليها عدم اتهامه يإنكار الله ويذّكرني هذا الامر بحوار جرى ذات مرة بيني وبين الدكتور زغلول النجار وأذكر تماما عندما طرحت امامه سؤال هل الله موجود فرد عليّ (( انت مسلم يا ابني ؟!!)) فقلت له نعم فقال (( يعني ازاي مسلم وابتسأل هل الله موجود !!)) قلت له لأنني لا أصف الله بأنه موجود حيث أن عقلي قاصر عن وصف الله وحيث اني سألتزم القاعده العامه عند الجماعات الاسلاميه عموما بأن وصف الله مسألة وقفيه وانه لا يجوز نسبة اي وصف لله تعالى مالم يصف به نفسه ! وحسب علمي يا استاذنا فإن الله لم يصف نفسه لا في القرآن ولا في غيره مما يصح الاستدلال به نصاً عند الجماعات الاسلاميه عموما على وجوده وان كنت مخطئا فأتني بنص كهذا.. فرد عليّ ردا استغربته حيث قال الدكتور (( يا ابني دا كل ايات القرآن تتحدث عن وجود الله )) قلت له ليتك تنعش ذاكرتي بآيه وأنا لك من الشاكرين ! فبدأ بسرد بعض الآيات من مثل (( الله لا اله الا هو الحي القيوم ..)) و(( الله خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل )) و (( قل هو الله أحد * الله الصمد )) .. فقلت له يا استاذنا اين النص على وجود الله في هذه الآيات بمعنى انني لم أسمع كلمة ( موجود ) فيها ! ومعنى ان وصف الله وقفيّ اي انه لابد من النصّ على لفظة (موجود) لفظاً والايات تصف الله بأنه المتفرد بالالوهية وبأنه حيّ وقيوم وبأنه خالق كل شيء وبأنه على كل شيء وكيل وبأنه أحد صمد ولكنها لم تصفه بالموجود !! فقال (( يعني انت عايز الايه تقلك ان الله موجود ! يعني ايه ان الله خالق ؟! دا يعني انه خالق ولكنه مش موجود يعني ازاي يكون مش موجود ويخلق ؟!! )) فقلت له ها انا وصلت معك على انك تستدل بعقلك على وجود الله وليس بالنص فهل تجوّز وصف الله بالعقل وتخالف القاعده العقائدية التي تؤمن انت بها وتلتزمها فقال ان العلماء قالوا (ان الله واجب الوجود) لأنه لا يمكن لصاحب فطرة سليمه ان ينكر ذلك )) فقلت له يا استاذنا متى كانت الفطرة مصدرا من مصادر الاستدلال على صفات الله ؟!! ومن أوجب على الله وجوده ؟!! فقال (( يعني عايزنا نقول للناس ايه ! نقلهم ما فيش اله .. الناس مش ناقصها فتن في دينها )) فقلت له يا استاذنا اولا: انا ناقشتك فيما تؤمن به انت وليس ما يجب ان تقوله للناس ! ثانيا: انا لا يهمني ان ارضي الناس بأن أصف لهم الله كما يرغبون وأخالف مبادئي وايماني ! ثالثا: الفتن اوجدتها هذه العقائد فلا زال المسلمون يتناحرون بسب عقائدهم هذه حيث ان البعض يقول ان الله موجود في كل الوجود وآخرين ينكرون عليهم ذلك بأن يقولوا بأنه موجود فوق العرش وآخرون يقولون موجود بلا مكان وآخرون يقولون بوجوده لا متصلا بالكون ولا منفصلا عنه ولا يخفى عنك كل تلك العقائد وما جرته على الجماعات من خلافات وفرقة وتكفير بعضهم البعض ... !! وأن المسألة لو كانت (( مشكلة فلسفية وتلاعب بالالفاظ !! )) لما أدت الى ما أدت اليه من نتائج كارثيه !!.. ثم تحدثت عن المسألة من ناحية لغوية -على قدر معرفتي- ومن ناحيه منطقية وعقليه وحقي بنفي أي وصف لله تعالى لا يقوم عليه الدليل النصي اللفظي القطعي بحسب القواعد العقائديه التي يتبناها المسلمون عموماً .. وسيأتي التفصيل فيها ..

وجود الله في عقائد الجماعات الاسلاميه:

بداية فإن الجماعات الاسلاميه - وكذلك اليهود والنصارى - يؤمنون بإن الله موجود ولكنهم قد يتفقوا او يختلفوا حول كيفية وجوده ! ومن خلال البحث وجدت ان كل الجماعات اعتمدت على العقل في اثبات وجود الله حتى تلك الجماعات التي منعت منهجية إعمال العقل في الدين على الامور الفقهية والتعاملية فضلا عن الامور العقائدية والالتزام بالنص فقط وجاء المنع من خلال اما التصريح او التلميح او المنهج السلوكي للجماعه من خلال الارهاب الفكري والديني والتلويح بسيف الرده !! وقامت بذلك تحت شعارات وقواعد مثل: ( لا اجتهاد في مورد النص !) او ( لو كان الدين بالرأي لكان المسح على باطن الخفِّ اولى من ظاهره !) و( نثبت لله ما اثبته لنفسه من دون تأويل ولا تكييف ولا تعطيل ولا توقف ..)..! (ويكفر من انكرالمعلوم من الدين بالضرورة او ثابت من ثوابت العقيدة) و(من بدل دينه فاقتلوه ) !وغيرها من القواعد .. وفي ظل غياب النص الصريح على وجود الله كان اعتماد هذه الجماعات على العقل يأخذ عدة صور وأحيانا يتم الجمع بين صورتين او اكثر للتوصل لذات النتيجة وهي ان الله موجود!..

منها: التوصل الى ان الله موجود من خلال إعمال العقل في تأويل النصّ وأضرب مثالا لذلك ما جاء في كتاب العقيده في الله للدكتور الفاضل عمر سليمان الاشقر :

" دليل الفطرة

الفطرة السليمة تشهد بوجود الله من غير دليل : لم يطل القرآن في الاستدلال على وجود الله تعالى ، لأنّ القرآن يقرر أن الفطر السليمة ، والنفوس التي لم تتقذر بأقذار الشرك ، تّقر بوجوده من غير دليل ، وليس كذلك فقط ، بل إن توحيده – سبحانه – أمر فطري بدهي ) فأقم وجهك للدين حنيفا فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ( الروم : 03. ]"

أقول نلاحظ هنا ان اول دليل على وجود الله عند عالم من علماء السلفية الاصولية التي تعتقد ان المسح على الخفّ لا يمكن ان يكون بالرأي هو الفطرة !! وعلى أقل تقدير كان على الدكتور أن يلتزم بمنهجه السلفي في الاستدلال اولا بالقرآن وان يسرد لنا الادلة القرآنيه –التي لم يطل القرآن الاستدلال بها على حدّ قوله- ثم يأتينا بالاحاديث (الصحيحه) ثم يأتينا بالادلة الفطريه العقليه البدهية ان اجاز لنفسه مخالفة الجماعه السلفية في الاستدلال بالعقل بما يخص مسألة الصفات ثم نلاحظ بعد ذلك أمرا أكثر غرابة اورده الدكتور الفاضل عمر الاشقر حيث ان الدكتور توصل الى ان القرآن لم يطلّ في الاستدلال على وجود الله - وأظنه قصد ( التدليل ) على وجود الله وليس (الاستدلال) لأن القرآن وهو كلام الله بحسب عقيدة الدكتور لا يقوم بالاستدلال والذي يعني تحري الدليل وطلبه وانما هو مصدر للإدلة – لأن القرآن يقرر ... ! أقول من اين للدكتور الدليل على ان القرآن يقررّ ما ذهب هو اليه ؟! وأظن ان الجواب سيكون ( بالاعتماد على العقل والمنطق الذي يرى به الدكتور المسألة ومن منظوره هو!) والا فالقرآن لم يقل له انه قرر انه لم يطل في الاستدلال على وجود الله للأسباب التي اوردها الدكتور في كتابه وهي ان الفطر السليمه والنفوس التي لم تتقذر بأقذار الشرك تقرّ بوجود الله سبحانه ! ثم من اين حكم الدكتور الفاضل ان ( الفطر السليمه والنفوس التي لم تتقذر بأقذار الشرك تقر بوجوده من غير دليل) فهل نصّ القرآن على ذلك ام ان العقل مرة ثانيه يدله على هذه المسألة الغيبية والتي تتعلق بالنفوس وتقريرها ؟! والاشد غرابة ان الدكتور عطّل الحاجة الى دليل – ولزوم قوله انه يقصد الدليل المنقول وليس المعقول- في أساس العقيدة كلها التي ألّف من أجلها مجموعته في العقيده من ستة أجزاء في الوقت الذي تتطالبنا فيه الجماعة السلفية بالدليل على تحريك الاصبع في التشهد الاخير في الصلاة بشكل دائري !!! وذلك عندما قال (( ..تقرّ بوجوده من غير دليل.. )) .! ولا أريد هنا أن اناقش مفهوم الفطرة لأنني أفردت لها عنوانا مستقلا لمن اراد الرجوع اليه ولكن تعليقا على قول الدكتور ( ..ولا النفوس التي تقذرت بأقذار الشرك ..) أقول هنا هل يمكن ان يكون الشخص مشركا بالله ان كان غير مؤمنٍ بوجود الله ؟! لأن المفهوم المبسط للشرك عند عامة علماء المسلمين يقضي بأن يتخذ الشخص معبودا له مع الله اذن فهذا المشرك يؤمن بوجود الله من حيث الاصل ! الا ان الدكتور عمر الاشقر افهمنا من قوله بمفهوم المخالفة ان المشرك لا يقرّ بوجود الله ! وأرى ان هذا صعب التسليم به خاصة وانه هدم هذا الفهم في ذات كتابه وبعد بضع صفحات حيث قال :

" المشركون الذين بُعث إليهم الرسول كانوا يقرّون بوجود الخالق:

العرب الذين جابههم الرسول صلى الله عليه وسلم كانوا مقرّين بوجود الله، وأنه الخالق وحده للكون، كما يقرّون بأنّه وحده الرزاق النافع الضار ، ... ولكنهم كانوا يعبدون غيره معه ، ولا يخلصون دينهم لله وحده ."

وبعد ذلك يقول الدكتور (( بل ان توحيده امر فطري بدهي ))

أقول: ولا أدري ما علاقة التوحيد في اثبات وجود الله ؟!! فالتوحيد نقيض الشرك عندهم وليس نقيضا لوجود الله الذي هو الالحاد عندهم !

ثم انني لا ادري اين وجه الاستدلال بالايه الكريمه ( فأقم وجهك للدين حنيفا ..) بمسألة الايمان بالفطرة بوجود الله او حتى توحيده فالآيه عامة الدلالة ومتعلقة بالدين كله ..والاية الكريمه هل تدلنا على ان الفطرة هي الدين ام ان الايه تدلنا على الامر بالاقبال على الدين لإنسجامه مع الفطرة الانسانيه ؟!.( الرجوع لمبحث الفطرة ومبحث ماهية الاسلام والمنظومه الكونيه) ..

يقول الدكتور عمر الأشقر:

"هذه الفطرة هي التي تفسر الظاهرة التي لاحظها الباحثون في تاريخ الأديان ، وهي

أن ً الأمم جميعا َّ – التي درسوا تاريخها – اتخذت معبودات تتجه إليها وتقدسها)1)

ثم يسترسل الدكتور: وقد يقال هنا : لو كان التوجه إلى الله أمرا ً فطريا لما عبد الناس في مختلف العصور آلهة شتى . والجواب : أن ّ الفطرة تدعو المرء إلى الاتجاه إلى الخالق ، لكن الانسان تحيط به مؤثرات كثيرة تجعله ينحرف حينما يتجه إلى المعبود الحق . فيما يغرسه الأباء في نفوس الأبناء ، وما يلقيه الكتاب والمعلمون والباحثون في أفكار الناشئة يبدل هذه الفطرة ويقذرها ، ويلقي عليها غشاوة ، فلا تتجه إلى الحقيقة. وقد نص الرسول صلى الله عليه وسلم على صدق هذا الذي قررناه ، ففي الصحيحين البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كل مولود يولد على الفطرة ، فأبواه يهودانه ، أو ينصرانه ، أو يمجسانه) ولم يقل يسلمانه ، لأن الإسلام موافق للفطرة . وقد يقال: إذا تركنا الطفل من غير أن نؤثر في فطرته هل يخرج موحدا ً عارفا بربه، فنقول : إذا ترك شياطين الإنس البشر ، ولم يدّنسوا فطرهم ، فإن شياطين الجن لن يتركوهم ، فقد أخذ الشيطان على نفسه العهد بإضلال بني آدم : ( قال فبعزتك ألغوينهم أجمعين – الا عبادك المخلصين.

وأعطي الشيطان القدرة على أن يصل إلى قلب اإلنسان ، كما في الحديث الصحيح: (إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم ، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شراً ( . )3)( أو قال : ) شيئا.

أقول هنا الدكتور يتحدث عن الفطرة وبعد أن كانت عنده دليلا على وجود الله (وتوحيده) أصبحت لا قيمة لها امام المؤثرات التي يتأثر بها الانسان سواء أكانت من شياطين الانس او شياطين الجن!! فكيف يمكن الاستدلال بما لا يصلح دليلا ولا يمكن رؤية أثره كدليل لسبب أو لآخر فان كان من غير الممكن حسب قول الدكتور للإنسان اذا ما ترك لوحده ان يهتدي الى الله وذلك بسبب من سيأثرون به من شياطين الانس وشياطين الجن الذين لن يسمحوا له بذلك الا يدعونا هذا الى التسائل عن مدى أهمية ان يخلقنا الله على الفطرة التي هي قاصرة وعاجزة عن مقاومة المؤثرات التي تطرأ عليها وكيف يمكن للدكتور ان يثبت لنا كيف يمكن الاستدلال على ان الفطرة تدل على وجود الله ؟! ام سيكتفي بالقول ان الشيوعين كانوا يعبدون مؤسس مذهبهم لأنهم كانوا يمروون امام ضريحه وينحنوا ..!! أو أن مجموعة من ( الملاحدة ) عندما أصابهم الرعب في إحدى الطائرات توجهوا بالدعاء!! وعاد الدكتور ثانية ليورد دليلا لا علاقة له بالمسأله وهو الحديث (ما من مولود..) واستنتج بعقله أو بحسب من سبقوه بهذا الاستنتاج بأن الحديث طالما لم يذكر أو يمسلمانه فان ذلك ان الفطرة هي الاسلام أو على الاقل شيئا يوافق الاسلام !!

العجيب ان الدكتور السلفي على ما يبدو انه لم يتنبه الى ان الشيخ الالباني رحمه الله تعالى اكتشف رواية جديدة لحديث الفطرة وفيه زيادة مهمة وهي (او يمسلمانه) وهي عند الشيخ صحيحة وبذلك فإن هذه الزيادة تنسف كل مفهوم بأن الفطرة هي الاسلام لإنها -اي الفطرة- لو كانت الإسلام فكيف يقال (او يمسلمانه)؟!

ثم بين الدكتور ان الله أعطى القدرة للشيطان على ان يجري في الانسان مجرى الدم وأن هذا الشيطان قد أخذ على نفسه العهد بأن يضل البشر .. أتساءل ما مدى توافق هذا الامر مع مسألة أن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء ( الآية ) فإن كانت مشيئة الله هي التي تحكم مسألة ضلال الانسان بالطريقة التي يقررونها وأن المشيئة تساوي الإرادة فما قيمة تأثير (شياطين الانس او شياطين الجن) ..! أم انهم أدوات ووسائل لهذا الاضلال او الهداية ..!!

ويبقى ان اساس استناده بالجملة على أن الفطرة تدل على وجود الله هو التصور العقلي لذلك فقط من دون أي دليل (شرعي )..!

بعد ذلك وضع الدكتور عنوانا فرعيا وهو الآتي: " كفر الناس – اليوم أعظم :

إلا أن الإنحراف اليوم وصل الدّرك الأسفل ، فأصبحنا نرى أقواما يزعمون أن لا خالق ، ويجعلون هذه المقولة مذهبا يقيمون عليه حياتهم ، وقامت دول على هذا

المذهب تعد بمئات الماليين من البشر . وانتشرت هذه المقولة في كل مكان ، وألفت فيها كتب ، وأصبح لها فلسفة تدرس، وحاول أصحابها أن يسموها بالمنهج العلمي ، ويدللوا عليها. من أجل ذلك كان لابد أن نتوسع شيئا ما في الإستدلال على هذه القضية."

أقول: ولاحظت مجددا أن الدكتور أنزل صفة الخالق مكان صفة الموجود ..! فاعتبر ان لا موجود تساوي لا خالق ومؤكد أن ذلك ليس على اساس اللغة التي تقضي على الاقل أن لا تساوي بين اسم الفاعل(الخالق ) واسم المفعول (الموجود )..! وانما كان ذلك بالاستنتاج العقلي ..! ويؤكد على ذلك العنوان اللاحق الذي أورده في كتابه واعتبره الدليل الثاني وهو :

" المخلوق ال بد له من خالق (ويتابع) يحتج القرآن على المكذّبين المنكرين بحجة لا بد للعقول من الإقرار بها ، ولا يجوز في منطق العقل السليم رفضها ، يقول تعالى : ( أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون – أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون ). يقول لهم : أنتم موجودون هذه حقيقة لا تنكروها ، وكذلك السماوات والأرض موجودتان ، ولا شك . وقد تقرر في العقول أن ّ الموجود لا بد من سبب لوجوده ، وهذا يدركه راعي الإبل في الصحراء ، فيقول : » البعرة تدل ّ على البعير ، والأثر يدل على المسير ، فسماء ذات أبراج وأرض ذات فجاج ، ألا تدل على العليم الخبير » . ويدركه كبار العلماء الباحثين في الحياة والأحياء .

وهذا الذي أشارت إليه الآية هو الذي يعرف عند العلماء باسم : (قانون السببية).

هذا القانون يقول : ((إن شيئا من الممكنات لا يحدث بنفسه من غير شيء لأنه لا يحمل في طبيعته السبب الكافي لوجوده ، ولا يستقل بإحداث شيء لأنه لا يستطيع أن يمنح غيره شيئا لا يملكه هو)).

أقول: وقد أورد الدكتور نظرية السببية للاستدلال على ان كل موجود لابد له من موجد فما مدى توافق هذه النظرية مع القول بأن الله موجود مما يقتضي القول بأنه لابد له من موجد أو سببا للوجود ؟!

وأظن أنه من حقنا ان نحتج بهذه الحجه على كل من أخذ بها ..!

ثم ضرب الدكتور الفاضل المثال الآتي على هذه القانون:

"ولنضرب مثالا نوضح به هذا القانون:

منذ سنوات تكشفت الرمال في صحراء الربع الخالي إثر عواصف هبت على المنطقة عن بقايا مدينة كانت مطموسة في الرمال ، فأخذ العلماء يبحثون عن محتوياتها ويحاولون أن يحققوا العصر الذي بنيت فيه ، ولم يتبادر إلى ذهن شخص واحد من علماء الآثار أو من غيرهم أن هذه المدينة وجدت بفعل العوامل الطبيعية من الرياح والأمطار والحرارة والبرودة لا بفعل الإنسان. ولو قال بذلك واحد من الناس لعده الناس مخرفا ّ يستحق الشفقة والرحمة ، فكيف لو قال شخص ما : إن هذه المدينة تكونت في الهواء من لا شيء في الأزمنة البعيدة، ثم رست على الأرض ؟ إن ّ هذا القول لا يقل غرابة عن سابقه ، بل يفوقه . لماذا ؟ لأنً العدم لا يوجد شيئا هذا أمر مقرر في بدائه العقول ، ولأن الشيء لا يستطيع أن يوجد نفسه .

والمدينة على النحو الذي نعرفه لا بد لها من موجد ، والفعل يشي ، ويعرف بصانعه فالابد أن تكون المدينة صناعة قوم عقلاء يحسنون البناء والتنسيق" انتهى كلام الدكتور عمر.

وأقول: انا لا أدري كيف انتقل الدكتور الفاضل من الاستدلال على ان الله تعالى موجود الى الاستدلال على انه الواجد للموجودات الا يوجد فرق بين الواجد والموجود ؟!

وبحسب كلام الدكتور فإن الشيء لا يمكن ان يوجد نفسه وهنا هل يحق لنا أن نتساءل مستنكرين هل الله سبحانه شيء ؟! فإن كان كذلك فكيف أوجد نفسه والشيء لا يوجد نفسه وماذا كان قبل ان يكون موجودا هل كان عدما سبحانه وتعالى؟!! فإن لم يكن شيئا فهل يصح قياس الأشياء وقوانين وجودها عليه سبحانه وتعالى؟!!

ويتبادر الى الذهن اساس شبهة التجسيم على الجماعات ومدى تأثيرها على الاعتقاد بأن الله موجود !

خلاصة الطرح انني أؤمن وأعتقد أن الله لم يصف نفسه بالموجود وأن صفات الله وبحسب ما يقرره عموم علماء المسلمين وقفية لا تؤخذ بالمنطق والتصور والعقل وانما بما أنزل الله سبحانه وبما أن الله لم يصف بصريح القرآن ولا حتى بالسنة أنه موجود فإن وصف الانسان له بذلك لا يصح كما ان كلمة موجود على وزن مفعول وصفات الله لا تأتي على هذه الصيغة وانما كل اسماء الله تأتي على صيغة صفة مشبهة او اسم فاعل كما ان الله سبحانه هو الواجد لكل الوجود والواجد اسم فاعل والموجود مناقض لهذه الصفة..فلا يجتمع النقيضان في حق الله كأن نقول ان الله خالق ومخلوق حاشاه سبحانه ومثلها ان نقول هو واجد وموجود..!!

كما ان الموجود محدود في داخل الوجود والله سبحانه مطلق حاشاه ان يحده وجود فهو بكل شيء محيط..

وان وصف الموجود ينطبق على الموجودات التي اوجدها الله تعالى ولا تنطبق على الواجد سبحانه ولا يجوز اسقاط صفاتنا وأحوالنا على الله عقلا بحيث نقول كيف يخلق ان لم يتصف بأنه موجود فالله تعالى عن الاتصاف بصفاتنا وطبائعنا سبحانه ..

يبقى الله سبحانه متعالٍ عن كل تصوراتنا ووصوفنا ومنطقنا.. وهناك امور كثيرة في هذه المسألة وأظن ان في هذا التبسيط كفاية لبيان رأيي حفظكم الله جميعا..

هاشم نصار 2013

التعليقات:

لا توجد تعليقات بعد.