الأبعاد السبعة طبيعة خلق المسيح العجائبية..!

الأبعاد السبعة طبيعة خلق المسيح العجائبية..!

21-09-2025

الأبعاد السبعة طبيعة خلق المسيح العجائبية..!

طبيعة المسيح: الخلق العجائبي والروح الكاملة
إن طبيعة المسيح عيسى بن مريم عليه السلام هي محور الإشكاليات الدينية التي نتناولها، فالحقيقة التي يطرحها القرآن هي أن المسيح ليس بشرًا عاديًا، كما أنه ليس إلهًا أو ابن إله. بل هو خلق فريد، جمع الله فيه بين صفات فوق بشرية ومظهر إنساني. هذا المفهوم يتجاوز الثنائية التقليدية في الفهم، ويؤسس لنموذج جديد.

فلقد أراد الله عز وجل أن يقيم الحجة على الإنسانية، التي كانت تطلب أن يأتيها الأنبياء من الملائكة لا من البشر، فقالوا "لو شاء الله لأنزل ملائكة". لذلك، بعث الله لهم ملكًا رسولًا في صورة بشرية، وهو المسيح. هذه الصورة لم تكن مجرد تمثيل، بل كانت تجسيدًا حيًا لروح ملائكية في جسد إنساني.

القرآن الكريم يصف المسيح بأنه "كلمته ألقاها إلى مريم وروح منه". هذه الصفة العظيمة، "روح منه"، لم تُطلق على أحد غيره، وهي تؤكد أن روحه ليست روحًا بشرية عادية، بل هي روح علوية طاهرة. عندما سألت مريم العذراء عن كيفية حملها، جاءها الجواب:

قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَٰنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا ﴿18﴾ قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا. (سورة مريم، الآية 18-19)

إن قوله "لأهب لك" بدلًا من "ليهب لك الله" يحمل دلالة عميقة. فالملك هنا لا يتحدث عن هبة من الله بشكل منفصل عنه، بل يؤكد أن الهبة تأتي من خلاله مباشرة، وهذا يؤكد على طبيعته الملائكية وقدرته على الإعطاء، وهي قدرة لا يمكن أن تتوفر في بشر عادي. هذه الروح هي مصدر القوة التي كانت تمنح المسيح قدراته الخارقة، مثل إحياء الموتى وشفاء المرضى، والتي كانت تُنسب إليه مباشرة من قبل الناس، حتى أدى ذلك إلى إشكالية تأليهه.

إن وصف القرآن للمسيح بأنه "بشرًا سويًا" لا يعني أنه إنسان عادي مثلنا، بل يعني أن جسده اكتمل بشكل بشري ليحمل هذه الروح الكاملة. هذا المزيج الفريد هو ما يفسر قدراته العجائبية، فجسده البشري كان مجرد وعاء لروح عظيمة، مما جعله قادرًا على إحداث المعجزات دون أن يتأثر بأي من نقاط الضعف البشرية، كالألم والموت.

دلالات الطبيعة العجائبية على قضية الصلب
تترابط قضية الصلب ارتباطًا وثيقًا بطبيعة المسيح الفريدة. فالذين ظنوا أنهم صلبوه وقتلوه، لم يكونوا يدركون أنهم يتعاملون مع كيان يختلف عن البشر. فالذي يمتلك القدرة على إزالة آلام الآخرين بلمسة، والذي يحيي الموتى، كيف يمكن أن يتأثر بالألم أو أن يقع عليه فعل القتل؟

هنا يأتي الإعجاز القرآني في قوله تعالى:

وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ ۚ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ ۚ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ ۚ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا. (سورة النساء، الآية 157)

إن مفهوم "شُبِّهَ لَهُمْ" لا يعني أنهم صلبوا شخصًا آخر، بل يعني أن فعل الصلب والقتل لم يترك أثره المعتاد على المسيح بسبب طبيعته الملائكية. لقد قاموا بكل الخطوات التي تؤدي إلى القتل، لكن النتيجة لم تكن الموت. هذا التعبير يحمل دلالتين: الأولى أنهم لم يقتلوه قطعًا، والثانية أنهم لم يكونوا متيقنين من قتله. فكيف يمكن أن يُقتل "كلمة الله"؟

لقد كانت هذه الطبيعة العجائبية للمسيح هي الحائل بينه وبين الموت على الصليب، ولهذا السبب قاموا بكل أفعال الصلب والقتل، لكن النتيجة لم تكن الموت. هذا هو جوهر الفلسفة التي تطرحها الحلقة، وهي أن طبيعة المسيح تختلف عن طبيعة البشر، وأن فهمنا لقضية الصلب يجب أن ينطلق من فهمنا لهذه الطبيعة الفريدة.

التعليقات:

لا توجد تعليقات بعد.