الأبعاد السبعة | حوار وأسرار مع هاشم نصّار الحلقة التمهيدية: البدايات والرؤية والموقف من الأديان والجماعات

الأبعاد السبعة | حوار وأسرار مع هاشم نصّار الحلقة التمهيدية: البدايات والرؤية والموقف من الأديان والجماعات

21-09-2025

الأبعاد السبعة | حوار وأسرار مع هاشم نصّار  الحلقة التمهيدية: البدايات والرؤية والموقف من الأديان والجماعات


في الحلقة التمهيدية من برنامج الأبعاد السبعة | حوار وأسرار مع هاشم نصّار، يُطل الدكتور هاشم على جمهوره ليقدّم لهم مفتاحًا لفهم مشروعه الفكري والإعلامي، عبر رواية بداياته الشخصية والعلمية، وعبر رسم ملامح موقفه من الدين والإنسان والجماعات التي تتنازع المشهد الفكري والديني.

من التعليم التقليدي إلى البحث الحر

منذ طفولته، اتسمت شخصية هاشم نصّار بنزعة نقدية واضحة تجاه أساليب التعليم التلقيني. فقد كان يرى أن الجلوس على مقاعد الدراسة في المدارس النظامية مضيعة للوقت إذا لم يكن التعليم قائمًا على البحث والتأمل والتفكر. هذه القناعة المبكرة جعلته كثير الغياب عن المدارس، في حين كان يوجّه طاقته نحو التعلم الذاتي والتعمق في القراءة الحرة.
لقد ميّز هاشم بين المعرفة الميتة التي تُلقَّن دون وعي، وبين المعرفة الحية التي تُكتسب بالتفكر والنقاش والتجربة. هذا الوعي المبكر كان أساسًا لمسيرته اللاحقة، حيث أصبح البحث الحر عنده بمثابة طريق للحياة لا مجرد وسيلة للتحصيل العلمي.

النشأة السلفية والتأثيرات المبكرة

نشأ نصّار في بيئة سلفية متأثرة بأعلام كبار، أبرزهم الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله. وقد أتاح له هذا الانتماء المبكر أن ينهل من علوم الحديث والرجال والمتون الشرعية، وأن يحفظ الكثير من النصوص في سن صغيرة. إلا أن هذه التجربة، على الرغم من غناها العلمي، لم تمنعه من مراجعة ونقد الأطر المغلقة التي تتحول فيها النصوص إلى قوالب جامدة تحجب روح الدين ومعناه الأصيل.

لقد منحته هذه النشأة المزدوجة – بين الالتزام الصارم والتفكير النقدي – قدرة على أن يرى بوضوح كيف يمكن للإنسان أن يقدّس النصوص حتى تتحول إلى أداة للانقسام بدل أن تكون وسيلة للهداية والتقريب. وهذا الوعي قاده إلى صياغة موقف متزن من الأديان والطوائف والجماعات، موقف يقوم على النقد من جهة، وعلى احترام التنوع من جهة أخرى.

القانون والفلسفة والرؤية الإنسانية

لاحقًا، توجّه نصّار إلى دراسة القانون، فجمع بين التكوين الشرعي المبكر والخبرة القانونية والفكرية، وصولًا إلى الدكتوراه في القانون. هذا المزج بين النصوص الدينية والقوانين الوضعية والفلسفة الإنسانية كوّن لديه رؤية شمولية تنظر إلى الإنسان كقيمة مطلقة قبل أي انتماء، وترى أن الأصل في الدين هو الإنسان، لا العكس.
هذه الخلفية المتعددة جعلت من هاشم نصّار مفكرًا قادرًا على أن يربط بين الإيمان والحرية، وبين الروح والعقل، وبين النص والواقع، دون أن يقع في فخ التعصب أو الإقصاء.

الموقف من الأديان والجماعات والطوائف

في الحلقة التمهيدية، يوضح نصّار موقفه من الأديان والجماعات الدينية والمذاهب الفكرية. فهو يرى أن الأديان السماوية جاءت في جوهرها لخدمة الإنسان، ولتثبيت القيم العليا كالعدل والرحمة والتعايش. غير أن التاريخ أظهر أن الجماعات والطوائف كثيرًا ما اختطفت هذه الرسائل النقية وحولتها إلى أدوات صراع وتناحر.
ينتقد نصّار النزعة الانغلاقية التي تجعل من الانتماء الطائفي بديلاً عن الانتماء الإنساني، ويرفض احتكار الحقيقة من قِبل أي جماعة، سواء كانت سلفية، أو أشعرية، أو حتى التيارات التي تصف نفسها بالتنويرية. فهو يعتبر أن كل جماعة حين تدّعي امتلاك الحقيقة المطلقة إنما تقطع الطريق أمام الحوار وتُقصي المختلف.

إن موقفه يتجاوز النقد إلى الدعوة لبناء دين الإنسانية، حيث لا يُلغى التنوع، بل يُحتفى به كجزء من الثراء البشري. في هذا الإطار، يدعو نصّار إلى تجاوز حدود الطائفة والمذهب نحو فضاء أرحب يجمع بين القيم المشتركة، دون أن يلغي خصوصيات الأفراد والجماعات. فالتدين عنده ليس هوية مغلقة، بل تجربة روحية وفكرية مفتوحة على الآخر.

الأبعاد السبعة: مشروع للحوار العميق

من هنا، يتضح أن برنامج الأبعاد السبعة | حوار وأسرار ليس مجرد منصة إعلامية، بل هو مشروع فلسفي وإنساني يسعى إلى إعادة طرح الأسئلة الكبرى: كيف نتجاوز الانقسامات دون أن نفقد هوياتنا؟ كيف نُعيد قراءة النصوص في ضوء مقاصدها لا في أسر قوالبها؟ وكيف نبني إنسانية مشتركة قائمة على العدل والرحمة، لا على الهيمنة والسيطرة؟

الحلقة التمهيدية إذن تمثل المدخل لفهم مسار طويل، مسار يتقاطع فيه الشخصي مع الفكري، والتجربة الفردية مع الهمّ الإنساني العام. وهي تعلن بوضوح أن هاشم نصّار لا ينحاز إلا إلى الحقيقة والإنسان، وأن مشروعه الفكري يقوم على النقد البناء، وعلى الدعوة إلى احترام جميع الأديان مع تجاوز حدود الطائفية إلى أفق أرحب: أفق الإنسانية الجامعة.

التعليقات:

لا توجد تعليقات بعد.